الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} فَكَانَ الْأَغْلَبُ فِي هَذَا الطَّوَافِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ طَوَافُ يَوْمِ النَّحْرِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، الطَّوَافَ الَّذِي بَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَفْعَالِهِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ حِينَئِذٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1243- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحْجُجْ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ يَلْتَمِسُونَ أَنْ يَأْتَمُّوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، مَا عَمِلَ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يَهِلُّونَ بِهِ، وَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى آخِرِ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: " إِنَّنِي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً "، فَحَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. 1244- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَمْيَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1245- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ طَافَ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَطَافَ مَنْ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ ". 1246- وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ المِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا- يَعْنِي مَكَّةَ- طُفْنَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا عَمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ "، فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّهُمْ طَافُوا بِحَجِّهِمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ، وَقَبْلَ وُقُوفِهِمْ بِعَرَفَةَ وَهَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا غَيْرَ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ لِحَجِّهِ إِلَّا بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ، وَتَقُولُ: إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ حِجَّتِهِ، وَحَلَّ بِهِ مِنْهَا كَمَا حَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ لِحَجَّتِهِمْ قَبْلَ وُقُوفِهِمْ بِعَرَفَةَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياهم بِذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي قَدْ رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالرِّوَايَاتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ كَثِيرَةٌ، فَاخْتَرْنَا مِنْهَا هَذِهِ الْآثَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهَا مِنْهَا، لِأَنَّهُ لَا بَيَانَ فِيهَا لِشَيْءٍ مِمَّا أَرَدْنَا، وَلِأَنَّ فِي بَعْضِهَا ذِكْرُ طَوَافِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْهَا مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهَا ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ أَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِهَا وَمِنْهَا مَا قَدْ ذُكِرَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الطَّوَافَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ، وَغَيْرُ مُبَيَّنٍ فِيهِ أَنَّ إِحْرَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَجًّا أَوْ كَانَ عُمْرَةً وَقَدْ كَانَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى تَأْجِيلِ الطَّوَافِ لِلْحَجِّ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَيَقُولُونَ: إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ لِلْحَجِّ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ كَانَ فِي حُكْمِ الْخَارِجِ مِنَ الْحَجِّ، وَدَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْعُمْرَةِ، يَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ. 1247- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَقُولُ: " لَا يَطُوفُ أَحَدٌ بِالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا حَلَّ " قُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْخُذُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قُلْتُ: فَإِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلَ الْمُعَرَّفِ وَبَعْدَهُ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْخُذُهَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَهَا لِي غَيْرَ مَرَّةٍ ". 1248- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكِسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّانَ الرَّقَاشِيَّ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ " مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي قَدْ تَقَشَّعْتَ، أَنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ؟ قَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ رَغِمْتُمْ ". 1249- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَضْلَلْتَ النَّاسَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ " وَمَا ذَلِكَ يَا عُرْوَةُ؟ " قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ أَنَّهُمْ إِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلُّوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَجِيئَانِ مُلَبِّيَيْنِ بِالْحَجِّ، فَلَا يَزَالَانِ مُحْرِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " بِهَذَا ضَلَلْتُمْ، أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُحَدِّثُونِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ "، فَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَانَا أَعْلَمَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَيْهِ فِي إِحْرَامِ أَصْحَابِهِ مَعَهُ حِينَئِذٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ: كَانَ بِالْحَجِّ خَالِصًا، عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَا عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ، فِيمَا رَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْهَا فِي حَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ " خَرَجْنَا، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ "، فَكَأَنَّهَا لَمْ تُحَقِّقْ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهَا غَيْرُ الْأَسْوَدِ فِي ذَلِكَ مَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَيْهِ، اخْتِلَافٌ نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَمِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1250- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " اجْتَمَعَ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ بِعَسَفَانَ، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا تُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ قَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَنْهَى عَنْهُ؟ فَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ قَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَكَ ثُمَّ أَهَلَّ عَلِيٌّ بِهِمَا جَمِيعًا ". 1251- وَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " حَجَّ عُثْمَانُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ؟ قَالَ: بَلَى " فَاحْتَمَلَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، فَطَافَ حِينَئِذٍ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا الْحَجَّ، فَصَارَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَيَكُونُ طَوَافُهُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ قَبْلَ عَرَفَةَ طَوَافًا كَانَ لِلْعُمْرَةِ، لَا لِلْحَجَّةِ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الطَّوَافِ لِلْحَجَّةِ، هَلْ يَكُونُ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَهَا بِعَرَفَةَ، وَبَعْدَ الْوُقُوفِ لَهَا بِعَرَفَةَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ الْأَوَّلُ كَانَ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ لِلْحَجِّ، فَكَانَ بِذَلِكَ طَائِفًا لِحَجِّهِ قَبْلَ عَرَفَةَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ: الطَّوَافُ لِلْحَجِّ قَبْلَ عَرَفَةَ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحْوِيلِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَصَارَ بِذَلِكَ إِحْرَامُهُ وَإِحْرَامُهُمْ عُمْرَةً، ثُمَّ أَنْشَأَ بَعْدَهَا الْحَجَّ، فَصَارَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا، فَلَمْ يَكُنْ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حَقِيقَةِ هَذَا الْمَعْنَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1252- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجِّ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، " وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ سَعْدٌ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي فَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَإِنَّ عُمَرَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ سَعْدٌ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ ". 1253- وَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَالْكَلَامُ فِي هَذَا مِثْلُ الْكَلَامِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ سَوَاءً وَمِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1254- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ مُلَبِّينَ بِالْحَجِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ". 1255- وَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ لَبَّى بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ " فَذَكَرَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ لِابْنِ عُمَرَ قَوْلَ أَنَسٍ، فَقَالَ: وَهَلَّ أَنَسٌ إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ " قَالَ بَكْرٌ: فَرَجِعْتُ إِلَى أَنَسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ. 1256- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، مِثْلَهُ قَالَ بَكْرٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: وَهَلَّ أَنَسٌ إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا مَعَهُ ". 1257- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ " وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ مُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ أَنَّ طَوَافَهُمُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ قَبْلَ عَرَفَةَ، كَانَ قَبْلَ فَسْخِهِمُ الْحَجَّ أَوْ بَعْدَ فَسْخِهِمُ الْحَجَّ، وَتَحْوِيلِهِمْ إِيَّاهُ إِلَى الْعُمْرَةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَقْبَلُونَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ سَالِمٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ ما: 1258- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، جَمِيعًا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: " تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ " قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا رَوَاهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِحَجَّةٍ، عَلَى مَا رَوَى بَكْرٌ، وَتَوَجَّهَ لَهَا، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَكَّةَ فَسَخَ الْحَجَّ، وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَعَادَ إِحْرَامُهُ الْأَوَّلُ عُمْرَةً، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمُتَمَتِّعِ وَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ بَكْرٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، هُوَ مَا كَانَ ابْتَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِحْرَامَ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ سَالِمٌ هُوَ الَّذِي عَادَ إِلَيْهِ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ ما: 1259- قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَرَّتَيْنِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى عُمْرَتِهِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ " قِيلَ لَهُ: وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِحَدِيثَيْ سَالِمٍ وَبَكْرٍ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَحَوَّلَ حَجُّهُ إِلَى الْعُمْرَةِ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ لَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّةَ، فَصَارَ قَارِنًا، لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَهُ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ وَإِحْرَمُهُ بِالْحَجِّ، فَصَارَ بِذَلِكَ قَارِنًا، وَكَانَ مُتَمَتِّعًا لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ مُفْرِدًا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجَّةِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُمْ أَسْمَاءُ بْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، قَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي ذَلِكَ ما: 1260- قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ الْهَدْيُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحْلِلْ " قَالَتْ: فَلَمْ يَكُنْ مَعِي يَوْمَئِذٍ هَدْيٌ، فَأَحْلَلْتُ فَهَذِهِ أَسْمَاءُ تُخْبِرُ فِي حَدِيثِهَا هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، لَا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تُخْبِرْ فِي حَدِيثِهَا هَذَا بِوَقْتِ طَوَافِهِمْ، هَلْ كَانَ فِي الْحَجَّةِ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الْحَجَّةِ؟ وَمِنْهُمْ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1261- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، وَلَمْ يَنْهَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ " ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. 1262- وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتْعَةَ الْحَجِّ، فَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهَا، وَلَمْ يُنْزِلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا نَهْيًا " فَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا خِلَافُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّينَاهَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ "، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، يُرِيدُ: تَمَتَّعْنَا وَنَحْنُ فِي صُحْبَتِهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَلَيْسَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ، وَلَا عَلَى أَنَّهُ تَمَتَّعَ مِثْلَ مُتْعَتِهِمْ تِلَكَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ كَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَسَعْدٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا رَوَى الْحَسَنُ، عَنْ عِمْرَانَ: " تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَلَمْ يُحَقَّقْ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ التَّمَتُّعَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا وَمِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1263- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ سَبَّحَ وَكَبَّرَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحِلُّوا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ " فَهَذَا أَنَسٌ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُمْ قَدِمُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، لَا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ كَانُوا طَافُوا قَبْلَ عَرَفَةَ فِي حُرْمَةِ الْحَجَّةِ، وَلَا فِي حُرْمَةِ الْعُمْرَةِ وَمِنْهُمْ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1264- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي مُلَيْحٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: " حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَا عَائِشَةَ تَنْزِعُ ثِيَابَهَا، فَقَالَ لَهَا: " مَالَكِ؟ " قَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ قَدْ أَحْلَلْتَ وَأَحْلَلْتَ أَهْلَكَ فَقَالَ: " أَجَلْ، مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ "، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَمْ نَحْلِلْ لِأَنَّ مَعَنَا الْهَدْيُ حَتَّى يَبْلُغَ عَرَفَاتٍ فَهَذَا مَعْقِلٌ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا حُجَّاجًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الطَّوَافَ بِشَيْءٍ وَمِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَمِنْهُ ما: 1265- قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: " إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّسُولُ، وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُتْعَةُ الْحَجِّ، فَافْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ وَالْأُخْرَى مُتْعَةُ النِّسَاءِ، فَأَنْهِي عَنْهَا، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهَا " فَهَذَا جَابِرٌ قَدْ أَخْبَرَ بِتَمَتُّعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفٍ عِنْدَنَا لِمَا رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ خَالِصًا، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ خَالِصًا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ فَسَخَهُ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ بَعْدَهُ حَجَّةً مِنْ مَكَّةَ، فَصَارَ فِي بَدْءِ إِحْرَامِهِ مُفْرِدًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَصَارَ فِي آخِرِ إِحْرَامِهِ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو نَضْرَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَمِنْهُمْ عَائِشَةُ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " خَرَجْنَا، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ طَافَ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَطَافَ مَنْ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَدِمُوا مَكَّةَ بِإِحْرَامِ تَرْوِيَةِ الْحَجِّ بِلَا حَقِيقَةَ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَقَدْ رَوَى عَنْهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ إِلَّا الْحَجَّ كَما: 1266- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا بِسَرَفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ؟ " فَقُلْتُ: لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ أَوْ لَمْ أَخْرُجِ الْعَامَ قَالَ: " لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " قَالَتْ: فَلَمَّا جِئْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً "، فَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَكَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَذِي الْيَسَارَةِ، ثُمَّ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَفَضْتُ، فَأُتِيَ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْجِعُ الرَّاجِعُ مِنْ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ بِعُمْرَةٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، فَإِنِّي لَأَذْكُرُ أَنِّي كُنْتُ أَنْعَسُ، فَيَضْرِبُ وَجْهِي مُؤَخِّرَةُ الرَّحْلِ حَتَّى جِئْنَا التَّنْعِيمَ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ جَزَاءَ عُمْرَةِ النَّاسِ الَّتِي اعْتَمَرُوا ". 1267- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِسَرَفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ يَا عَائِشَةُ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ، لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ حَجَجْتُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " سُبْحَانَ اللهِ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، انْسُكِي الْمَنَاسِكَ كَلَّهَا غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ "، فَلَمَّا دَخَلْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ " قَالَتْ: فَذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، وَطَهُرَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْجِعُ صَوَاحِبِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ بِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَلَبَّيْتُ بِالْعُمْرَةِ ". 1268- وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَمَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي " هَكَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِحَدِيثِ عَمْرٍو هَذَا مُخْتَصَرًا، هَكَذَا كَمَا ذَكَرْنَا. 1269- وَأَمَّا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، فَحَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يُخْبِرُ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّاجًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا سَرَفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: " مَالَكِ؟ " فَقَالَتْ: لَيْتَنِي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ؟ قَالَ: " مَالَكِ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: " شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً "، فَفَعَلُوا، فَمَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا حَلَّ، وَسَاقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بَقَرًا، وَطَهُرْتُ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ، فَأَهْلَلْتُ مِنَ التَّنْعِيمِ، فَطُفْتُ، وَسَعَيْتُ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَيْهِ ". 1270- وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَجِّ، فَحِضْتُ بِسَرَفَ فَرَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي، فَقَالَ: " مَا شَأْنُكِ؟ " قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ "، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قَالَ: " اجْعَلِيهَا عُمْرَةً، فَإِنِّي لَوْلَا هَدْيِي حَلَلْتُ " وَأَمَرَهُمْ فَحَلُّوا، وَكَانَ مِنْهُمْ رِجَالٌ ذَوُو يَسَارَةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ، فَلَمْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً، وَطَهُرْتُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَمَّا أَصْدَرَ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي عَلَى جَمَلِهِ، فَذَهَبَ بِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ " فَهَذَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَمَّادٌ، وَعَمْرٌو، وَمَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَدْ رَوُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي إِحْرَامِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ، أَنَّهُ كَانَ حَجَّةً، وَأَنَّهَا قَدِمَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَزَادَ عَمْرٌو، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَحَمَّادٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَلَى مَالِكٍ فِي ذَلِكَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا أَيْضًا فِي حَجَّةٍ، حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً " وَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَجَاءَ بِأَلْفَاظٍ تُخَالِفُ بَعْضُهَا الْأَلْفَاظَ الَّتِي فِي حَدِيثِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحَمَّادٍ، وَمُحَمَّدٍ هَذَا. 1271- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةٍ لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، قَالَ: " مَالَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ فَكَانَ ابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا فِي خُرُوجِهِمْ لَا يَرَوْنَ إِلَّا الْحَجَّ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ خَالَفَ سُفْيَانُ فِي ذَلِكَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا، كَانُوا بِالْحِفْظِ أَوْلَى مِنْهُ، مَعَ أَنَّا وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا قَوْلَ عَائِشَةَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ فَلَبَّيْتُ حَجًّا "، وَوَجَدْنَا فِيهِ أَيْضًا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَاضَتْ: " اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ "، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهَا ذَلِكَ الْقَوْلُ إِلَّا وَهِيَ فِي حَجَّةٍ، فَرَجَعَ بِذَلِكَ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ هَذَا إِلَى مَعْنَى أَحَادِيثِ الْخَمْسَةِ الَّذِي سَمَّيْنَا قَبْلَهُ وَأَمَّا عَمْرَةُ بْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَدْ رَوَتْ عَنْهَا فِي ذَلِكَ ما: 1272- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ " قَالَ يَحْيَى: فَذُكِرَ هَذَا لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. 1273- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرَفَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ " قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثْتُ بِهِ الْقَاسِمَ، فَقَالَ: جَاءَتْ وَاللهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ فَفِي حَدِيثِ عَمْرَةَ هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ إِلَّا الْحَجَّ، فَقَدْ وَافَقَتِ الْأَسْوَدَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا مُوَافَقَةُ الْقَاسِمِ لِعَمْرَةَ عَلَى مَا رَوَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى عَنِ الْقَاسِمِ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّا لَا نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا فِيهِ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ الَّذِي أَحْرَمُوا بِهِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمُوا مَكَّةَ مَعَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، قَوْلُ عَائِشَةَ: " لَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ "، إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَخَرَجُوا عَلَى ذَلِكَ مُحْرِمِينَ بِالَّذِي لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ فِيهِ كَما: 1274- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْجَرُ الْفُجُورِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ، وَعَفَا الْأَثَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرٌ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ حِلٍّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ " فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ إِحْرَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الَّذِي دَخَلُوا مَكَّةَ عَلَيْهِ كَانَ بِالْحَجِّ، حَتَّى أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي حَدِيثِهِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ: " وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ "، إِنَّمَا عَلَى مَعْنَى: وَلَا نَعْرِفُ إِلَّا الْحَجَّ، كَمَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَى حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ " وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ: " وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ "، عَلَى إِنْكَارِهَا الْعُمْرَةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ اعْتَمَرَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ. 1275- وَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً مِنَ الْجُحْفَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَعُمْرَةً حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ، وَحَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً " فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ قَبْلَ عُمْرَتِهِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ اعْتَمَرَ قَبْلَ حَجَّتِهِ ثَلَاثَ عُمَر. 1276- كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةُ الْجُحْفَةِ، وَعُمْرَتُهُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَعُمْرَتُهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ، وَحَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ عُمْرَتَيْنِ، وَأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ مُنْكِرَةً عَلَيْهِ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى عُمْرَتِهِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّتِهِ فَوَافَقَتْ عَائِشَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي عَدَدِ عُمَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ اعْتَمَرَهَا قَبْلَ حَجَّتِهِ وَمَعَ حَجَّتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ قَبْلَ هَذَا مِمَّا رُوِيَ عن عَائِشَةَ فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ قَدِمُوا مَكَّةَ فَأَمَّا عُرْوَةُ فَرَوَى عَنْهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا ". 1277- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا " قَالَتْ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ " قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ " قَالَ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا أَخِيرًا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى بِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ قَدْ كَانُوا ابْتَدَأُوا الْإِحْرَامَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَضَافَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهَا حَجَّةً، وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَمْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ، وَلَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ فَسَخَ الْحَجَّ وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا حَلُّوا ثُمَّ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ، إِنَّمَا كَانُوا حَلُّوا مِنْ عُمْرَةٍ، ثُمَّ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ خِلَافَ هَذَا الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ: 1278- مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ، فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُهِلُّ بِالْحَجِّ، لِأَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ " قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمِنَّا الْمُهِلُّ بِالْحَجِّ، وَمِنَّا الْمُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ، فَلَبَّيْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ: فَأَزِفَنِي نَوْمٌ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَكَرَ حَرْفًا مَعْنَاهُ: " فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْفُضِي شَعْرَكِ، وَامْتَشِطِي، وَلَبِّي بِالْحَجِّ "، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ طَهُرْتُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَلَبَّتْ بِالْعُمْرَةِ قَضَاءً لِعُمْرَتِهَا. 1279- وَأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ، وَأَبَا عَمْرٍو مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَانَا جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ "، فَحِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْفُضَ رَأْسِي، وَأَمْتَشِطَ، وَأَدَعَ عُمْرَتِي " وَوَافَقَ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ عَلَى مَا رَوَاهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عِكْرِمَةُ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَرَوَيَا عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا. 1280- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ. 1281- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ وَفِي حَدِيثِ هِشَامٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَفِي حَدِيثَيْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ خَيَّرَهُمْ فِي بَدْءِ إِحْرَامِهِمْ، بَيْنَ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَبَيْنَ الْإِهْلَالِ بِالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ شَيْءٌ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ أَبُو الْأَسْوَدِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِأَلْفَاظٍ سِوَى الْأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ عَلَيْهَا ابْنُ شِهَابٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ. 1282- فَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِحْرَامُ بَعْضِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ لَا حَجَّ مَعَهَا، وَإِحْرَامُ بَعْضِهِمْ بِالْحَجِّ لَا عُمْرَةَ مَعَهُ، وَإِحْرَامُ بَعْضِهِمْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَفِيهِ نَفْيُ فَسْخِ الْحَجِّ الَّذِي رُوِيَ فِي غَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ غَيْرِهَا مِمَّنْ قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَلِمُوا بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، لَمَّا قَدِمَهَا لَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَعُدُّونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَرَفُوا الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَمَّا كُنَّا قَدْ رُوِّينَا فَسْخَ الْحَجِّ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمِ، وَعَمْرَةَ، كَانَ أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ثَلَاثَةً أَوْلَى بِالْحِفْظِ منْ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ قَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى مَا رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَأَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِيهِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، مَعَ دَلَالَةٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَكَانُوا هَؤُلَاءِ بِالْحِفْظِ أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَخَالَفَهُ فِيهِ عَنْهَا الْأَسْوَدُ، وَالْقَاسِمُ، وَعَمْرَةُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ، ما: 1283- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ فِي خَبَرِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، وَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ: وَلَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا آخِرَ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: " إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً " فَحَلَّ النَّاسُ، وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، فَقَالَ: " دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ هَكَذَا فِي الْحَجِّ " مَرَّتَيْنِ، فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَأَنْ يُقَصِّرُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَقَالَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ: " إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً "، أَيْ لِأَنِّي فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، وَأَنَّهُ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: " فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، وَلْيَجْعَلَهَا عُمْرَةً "، أَيْ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ عُمْرَةٍ فَهَذِهِ أَلْفَاظُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَتْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ دَخَلَ فِيهِ مِنَ الْإِحْرَامِ، وَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ دَخَلُوا فِيهِ مِنْهُ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي حَجٍّ، لَا فِي عُمْرَةٍ، وَأَنَّهُمْ فَسَخُوا ذَلِكَ الْحَجَّ بِأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى صَيَّرُوهُ عُمْرَةً، فَصَارُوا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، لَا فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ، وَصَارَ مَنْ سَاقَ مِنْهُمُ الْهَدْيَ لِإِحْرَامِهِ فِي حُكْمِ مَنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ، وَسَاقَ الْهَدْيَ لَهُ، فَلَا يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِلَّا مَعَ إِحْلَالِهِ مِنْ حَجَّتِهِ وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ سُرَاقَةِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ وَجَوَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ عَنْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا إِذًا لَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُرَاقَةَ: الْعُمْرَةُ الْآنَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ فَفِي تَرْكِهِ ذَلِكَ، وَإِجَابَتِهِ إِيَّاهُ بِالْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ حَدَثَ مِنْهُ فِي الْعُمْرَةِ حِينَئِذٍ حُكْمٌ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ مِنْهُ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ جَابِرٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ زَادَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْنًى. 1284- وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيَّ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الْجَزَرِيُّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، سَأَلَ النَّاسَ: " بِمَاذَا أَحْرَمْتُمْ؟ " فَقَالَ أُنَاسٌ: أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ وَقَالَ آخَرُونَ: قَدِمْنَا مُتَمَتِّعِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: أَهْلَلْنَا بِإِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كَانَ قَدِمَ وَلَمْ يَسُقْ هَدْيًا فَلْيَحْلِلْ، فَإِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ حَتَّى أَكُونَ حَلَالَا " فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: " يَا رَسُولَ اللهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ سُؤَالُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَنْ إِحْرَامِهِمْ، مَا هُوَ؟ وَإِخْبَارُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُ بِالْحَجِّ خَاصَّةً، وَإِخْبَارُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُ بِالتَّمَتُّعِ، وَإِخْبَارُ بَعْضِهِمْ إِيَّاهُ أَنَّهُ بِمَا أَهَلَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، وَأَمْرُهُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ بِالْإِحْلَالِ فَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي حَدِيثَ عُرْوَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى كَانَ فِي ذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَمَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ ثَبَتَ بِحَمْلِهِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا طَافُوا لِحَجَّتِهِمْ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَقَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ الطَّوَافَ لَهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ وَفِي جُمْلَتِهَا إِبَاحَةُ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، غَيْرَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْهَا عَنْ أَنَسٍ مِنْ إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِمَّا خَالَفَتْهُ فِيهِ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَهُ إِيَّاهُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَالْأَشْبَهُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ بِالْحَقِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ يَكُونَ إِحْرَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْحَجِّ خَاصَّةً كَمَا قَالَ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ، لَا بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَهُمْ فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ أُخْرَى، لِأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِذَلِكَ إِلَى أَنْ يَصِيرُوا فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ، وَمُحَالٌ عِنْدَنَا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَخْصُوصًا بِهِ، وَمِمَّا لَمْ يُنْسَخْ بَعْدَ فِعْلِهِ إِيَّاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ. 1285- وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا نَصْرُخُ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَقَالَ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، وَلَكِنْ سُقْتُ الْهَدْيَ، وَقَرَنْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي بَدْءِ إِحْرَامِهِ، وَإِحْرَامِ أَصْحَابِهِ بِالْحَجِّ خَاصَّةً دُونَ الْعُمْرَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُرْمَةِ الْحَجَّةِ فَيَعُودُ إِلَى عُمْرَتَيْنِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَارِنًا، وَقَدْ سَاقَ الْهَدْيَ لِقِرَانِهِ، وَإِنَّمَا حَلَّ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ كَانُوا أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ خَاصَّةً وَلَمْ يَخْلِطُوهُ بِعُمْرَةٍ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ حَتَّى أَكُونَ حَلَالًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا سِيَاقُهُ الْهَدْيَ لَحَلَّ مِنَ الْحَجَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا إِلَى عُمْرَةٍ، وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ وَهُوَ فِي عُمْرَةٍ أُخْرَى سِوَى تِلْكَ الْعُمْرَةِ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَرْفَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَقَرَنْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ "، إِلَّا فِي حَدِيثِ أَبِي أَسْمَاءَ هَذَا، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ من رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمُخْتَلِفِينَ فِي إِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ؟ فَكَانَ مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1286- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ لِي: " بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " فَقُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَحِلَّ " فَفَعَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَّتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، رُوَيْدًا بَعْضَ فُتْيَاكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ فَقُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ فِيهِ فَائْتَمُّوا فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ أَتَيْتُهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا مُوسَى أَهَلَّ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ بِذَلِكَ الْإِهْلَالِ كَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ، إِذْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِحْرَامِهِ لِلْهَدْيِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ أَبَا مُوسَى لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ عُمَرُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ لَهُ فِيهِ، وَأَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِ عُمَرَ لَهُ مَا قَالَ لَهُ فِيهِ، كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ خَالَفَ أَبَا مُوَسَى فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَاجَّهُ فِيهِ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَمْرِ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَثُبُوتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حَقِيقَةُ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، وَمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَ عَلَيْهِ، كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا قَدْ رُوِّيتَ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فَسْخَ الْحَجِّ، فَلِمَ لَا تَقُولُ بِهِ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ؟ قِيلَ لَهُ: لِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ الْفَسْخَ كَانَ لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ خَاصَّةً، لَا لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ. 1287- وَذَلِكَ أَنَّ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَ أَبِي دَاوُدَ، جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَانَا، قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بن الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ فَسْخَ حَجِّنَا، أَلَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً ". 1288- وَأَنَّ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُرَقَّعِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ مَا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَنَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ تِلْكَ كَانَتْ لَنَا خَاصَّةً رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ النَّاسِ ". 1289- وَأَنَّ فَهْدًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُرَقَّعُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: " لَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ، ثُمَّ يَفْسَخَهَا بِعُمْرَةٍ إِلَّا الرَّكْبُ الَّذِي كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". 1290- وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُرَقَّعُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " مَا كَانَ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ ". 1291- وَأَنَّ أَبَا بِشْرٍ الرَّقِّيَّ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: " إِنَّمَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ لَنَا خَاصَّةً أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتْعَةُ الْحَجِّ "، يَعْنِي الْفَسْخَ. 1292- وَأَنَّ فَهْدًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: يَعْنِي: الْفَسْخَ. 1293- وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ رَخَّصَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ، أَلَا وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ انْطُلِقَ بِهِ، فَأَحْصِنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ، وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا أَمَرَكُمْ ". 1294- وَأَنَّ فَهْدًا، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ أَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا كَانَ يُرَخِّصُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شَاءَ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " فَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا مِثْلُ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنْ عُمَرَ مِنْ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَهِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِمَّا أَرْخَصَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَهَيَّأُ لِعُمَرَ أَنْ يَقُولَهُ إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ تَوْقِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَلَا الِاسْتِنْبَاطِ، وَلَا الِاسْتِخْرَاجِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ فِي هَذَا ما: 1295- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " سُئِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَ: كَانَتْ لَنَا، وَلَيْسَتْ لَكُمْ ". 1296- وَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وَصَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ عُثْمَانُ أَوْ سَأَلْتُهُ فَالْكَلَامُ فِي هَذَا مِثْلُ الْكَلَامِ فِي الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ قَبْلَهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَابِرٍ وُقُوفَهُ عَلَى أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ: 1297- قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " مُتْعَتَانِ فَعَلْنَاهُمَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَنْ نَعُودَ إِلَيْهِمَا " وَلَا يَجُوزُ، عِنْدَنَا، عَلَى جَابِرٍ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ شَيْئًا قَدْ عَلِمَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِنَسْخِهِ، أَوْ بِثُبُوتِ الْخُصُوصِيَّةِ فِيهِ لِمَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالٍ، وَهُوَ رَجُلٌ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي فَسْخِ الْحَجِّ أَيْضًا كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِيهِ. 1298- وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ. 1298- حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا كَانَ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ ". 1299- وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُزَيْنَةَ، عَنْ بَعْضِ أَجْدَادِهِ أَوْ أَعْمَامِهِ، أَنَّهُ قَالَ: " مَا كَانَ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَفْسَخَهُ بِعُمْرَةٍ " وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَى أَحَدٍ، لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُحْبَةٌ، أَنْ يَقُولَهُ رَأْيًا، إِذْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَلَمْ يَقُلْهُ، عِنْدَنَا، مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْدَ التَّوْقِيفِ الَّذِي قَدْ وَجَّبَ عَلَيْهِمْ تَرْكَ مَا كَانُوا فَعَلُوهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّمَسُّكَ بِمَا قَدْ وَقَفُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا وَجَدْنَا فِي فَسْخِ الْحَجِّ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْعَلُوهُ التَّوْقِيفَ مِنْهُ إِيَّاهُمْ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ بِذَلِكَ، وَعَلى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْهُ، عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا بَعْدَ فَسْخِهِمْ حَجِّهِمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَمْنُوعُونَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحَجِّ إِلَّا بِإِتْمَامِهِ، إِلَّا أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَيَكُونُ لَهُمْ مَا قَدْ جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ أُحْصِرَ بِالْحَجِّ مِمَّا سَنَأْتِي بِهِ بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِيمَا رُوِّينَا وَصَحَّحْنَا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مَا قَدْ جَمَعَ النَّاسُ فِيهَا الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ خَالِصًا، وَالْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ، وَإِضَافَةَ الْحَجِّ إِلَيْهَا، حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ قَارِنًا كَمَا فَعَلَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ مِنْ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي عَادَ حَجُّهُمْ إِلَيْهَا، وَالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، بِرُجُوعِ حَجِّهِمْ إِلَى عُمْرَةٍ، وَإِحْرَامِهِمْ بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَعْدَ طَوَافِهِمْ قَبْلَ تِلْكَ الْعُمْرَةِ، حَتَّى صَارُوا بِمَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ مُتَمَتِّعِينَ، وَأَنَّ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَسَاقَ الْهَدْيَ لِإِحْرَامِهِ لَمْ يَحِلَّ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، كَمَا لَمْ يَحِلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي قَدْ عَادَتْ إِلَى عُمْرَةٍ لِسِيَاقِهِ الْهَدْيَ حَتَّى حَلَّ مِنَ الْعُمْرَةِ مَعَ حِلِّهِ مِنَ الْحَجَّةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَهَا. 1300- وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ: " إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ " فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْلَا سِيَاقَتُهُ الْهَدْيَ لَكَانَ قَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ الَّتِي عَادَ إِحْرَامُهُ إِلَيْهَا، كَمَا حَلَّ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ عَادَ حَجُّهُمْ إِلَى عُمْرَةٍ مِمَّنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَدَلَّ قَبُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ حَفْصَةَ قَوْلَهَا: وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ " وَتَرْكُهُ التَّكْثِيرَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهَا، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ إِحْلَالِهِ إِلَّا فِي مِثْلِ مَا كَانَ أَصْحَابُهُ مِنَ الْحَجَّةِ الَّتِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهَا إِلَّا مِنْ عُمْرَةٍ مَعَهَا.
|